• تنبيه حول المقطع الصوتي الذي انتشر للأخ أبي مالك الجبجبي

    :العنوان
  • تنبيهات

    :التصنيف
  • 1443-8-3

    :تاريخ النشر
  • 168

    :عدد الزيارات

تنبيه حول المقطع الصوتي الذي انتشر للأخ أبي مالك الجبجبي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد سألني أكثر من أخ عن مقطع صوتي لأخينا الفاضل أبي مالك عبد الله الجبجبي

يقول فيه ناقلا عن العاقل (ولا أدري من العاقل):
لولا أن النبوة قد ختمت لقلنا إن شيخنا يحيى من الأنبياء لأنه يتحلى بسيرة الأنبياء من حيث العمل والتأسي والأخلاق….. إلى آخر كلامه.

وهذا الكلام خطأ ظاهر فإن النبوة ليست مجرد عمل وتأسي وأخلاق، بل النبوة محض اصطفاء من الله تعالى، قال الله تعالى: { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }، وقال الله تعالى: { وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} فهذه الآيات تبين أن النبوة اصطفاء من الله تعالى يجعلها الله حيث يشاء وليست مجرد عمل وأخلاق.

ولذا أنكر العلماء على الإمام ابن حبان رحمه الله قوله: إن النبوة هي العلم والعمل، بل حكم عليه بعضهم بالزندقة بسبب ذلك، مع أن كلامه له محمل صحيح ولم يرد به ما يريد الفلاسفة بهذه الكلمة، لكن مع ذلك أنكر عليه العلماء هذا الإطلاق.

قال الإمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء (96/16):

قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري مؤلف كتاب (ذم الكلام): سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد، سمعت أبي يقول: أنكروا على أبي حاتم بن حبان قوله: النبوة: العلم والعمل، فحكموا عليه بالزندقة، هجر، وكتب فيه إلى الخليفة، فكتب بقتله.

قلت (الذهبي): هذه حكاية غريبة، وابن حبان فمن كبار الأئمة، ولسنا ندعي فيه العصمة من الخطأ، لكن هذه الكلمة التي أطلقها، قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن يعتذر عنه، فنقول: لم يرد حصر المبتدأ في الخبر، ونظير ذلك قوله – عليه الصلاة والسلام -: (الحج عرفة) ومعلوم أن الحاج لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة حاجا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر مهم الحج.
وكذا هذا ذكر مهم النبوة، إذ من أكمل صفات النبي كمال العلم والعمل، فلا يكون أحد نبيا إلا بوجودهما، وليس كل من برز فيهما نبيا، لأن النبوة موهبة من الحق – تعالى -، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللدني والعمل الصالح.
وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلا، وحاشاه. انتهى كلام الذهبي رحمه الله، وانظر إلى قوله رحمه الله: وليس كل من برز في العلم والعمل يكون نبيا، لأن النبوة موهبة من الحق – تعالى -، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللدني والعمل الصالح.

وتأمل قوله: وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل فهذا كفر.

فالنبوة موهبة من الله واصطفاء، وبهذا يتبين خطأ الإطلاق في كلام أخينا أبي مالك بارك الله فيه.

إضافة إلى ما في هذه الكلمة من الغلو الذي لا يرضاه شيخنا يحيى حفظه الله ولا يقره.

بل سيتخذه الأعداء ذريعة للطعن في أهل السنة ورميهم بالغلو، الذي يبرأون إلى الله منه، ويحذرون الناس من سلوكه.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه/ أبو عبد الرحمن رشاد بن أحمد الضالعي.
في دار الحديث السلفية للعلوم الشرعية بالضالع.
يوم الخميس ٢٩ رجب ١٤٤٣هـ